القائمة الرئيسية

الصفحات

اتفاقية مياه النيل 15 مايو 1902

اتفاقية مياه النيل 15 مايو 1902

اتفاقية مياه النيل

(15 May 1902)


د. أحمد إبراهيم هلالي

تعدُّ المعاهدة الأنجلو-أثيوبية التي تم توقيعها في مايو 1902، هي الأكثر تأثيرًا على تاريخ السياسات المُرتبطة بمياه نهر النيل الأزرق. وهي معاهدة، كما عُرِف عنها، تتشابك فيها كلٌّ من المصائر الأثيوبية، والسودانية، والمصرية؛ خاصة الحقوق التاريخية المكتسبة لمصر في مياه النيل. ولذلك؛ كان للاتفاقية تأثير كبير على مصالح كلّ طرف منهم من جهة، وما تزعمه أثيوبيا من مصالح سيادية في حقوق المياه العابرة للحدود، في العقود اللاحقة لذلك، أو حتى عدم اعترافها بالاتفاقية ككل في حدّ ذاتها، على الرغم من أن أثيوبيا وقّعت عليها باعتبارها دولة طرف مستقلّة تمامًا، بينما كانت مصر والسودان خاضعتين للاحتلال البريطاني، أو حتى مُتناسية، أي أثيوبيا، ما يتعلّق بتعيين ما يتعلّق بحدودها في هذه الاتفاقية، من جهة أخرى.

ظلّت المعاهدة الأنجلو-أثيوبية لعام 1902، لفترةٍ طويلة، بمثابة الصَّك الوحيد الأكثر حجيّة في توضيح حقوق المياه في كلٍّ من أثيوبيا كدولة منبع، والسودان ومصر كدولتي مَصَبّ. هذا في الوقت الذي لا يُمكن أن نتجاهل فيه أن هذا الترتيب أو الإعداد القانوني يُمثِّل حلقةً رئيسة في ذروة السعي الاستعماري لبريطانيا العظمى، وهو السعي الدؤوب من أجل السيطرة المادية والقانونية على إقليم حوض النيل، وتأمين التدفُّق "غير المُعاق" لمجرى نهر النيل في اتجاه دولتي المَصَبّ.

وفي الحقيقة لم تكن مصر طرفًا فاعلًا (بشكلٍ مُستقلّ) في هذه الاتفاقية، بمعنى أنها لم توقِّع على الاتفاقية آنذاك كدولةٍ ذات سيادة مُستقلّة، ولكن تضمَّنت الاتفاقية نصًّا مهمًّا للغاية مُتعلقًا بمياه النيل؛ وهذا ما جعل الاتفاقية في حدِّ ذاتها يُطلق عليها لدى كثيرين، وحتى بين الأكاديميين المُتخصِّصين، "اتفاقية مياه النيل لعام 1902". 

من أجل ذلك؛ لابد من توضيح ثلاث ملاحظات: 

أولًا- الاتفاقية ليس عنوانها اتفاقية مياه النيل -كما يُردِّد كثيرون- وإنما عنوانها هو:

اتفاقيات بين

المملكة المتحدة وأثيوبيا

وبين

المملكة المتحدة، إيطاليا وأثيوبيا

بخصوص

الحدود بين السودان، أثيوبيا وإريتريا


ثانيًا- موضوع الاتفاقية الأساسي، والذي تصدَّر عنوانها -كما سبق وذكرت- هو: (تعيين الحدود بين السودان، أثيوبيا وإريتريا).

ثالثًا- تتكوَّن الاتفاقية في مُجملها من خمسة مواد، مرفق معها اتفاقية الحدود بين أثيوبيا وإريتريا، والتي تم توقيعها في 10 يوليو 1900؛ لذلك عندما طُبِعَت الاتفاقية بعد اعتمادها في مجلسي العموم واللوردات البريطاني، جاء نصَّ غلاف الاتفاقية كالتالي: (اتفاقيات بين المملكة المتحدة وأثيوبيا، وبين المملكة المتحدة، وإيطاليا، وأثيوبيا، بخصوص الحدود بين السودان وأثيوبيا وإريتريا).

أما عن الاتفاقية الأساسية "الاتفاقية الأنجلو-أثيوبية لعام 1902":

تبحث المادة الأولى منها في الإطار الاستعماري، والجغرافي، والسياسي الذي أبرمت بموجبه المعاهدة الأنجلو-أثيوبية لعام 1902. بينما تُحلِّل المادة الثانية العوامل التي دفعت الإمبراطور الأثيوبي آنذاك، وهو الإمبراطور منيليك، إلى تقديم الضمانات الواردة أو المَنصوص عليها في هذه الاتفاقية. وبالتالي؛ خرجت المادتان الأولى والثانية بنصوصٍ تعلّقت بتعيين الحدود المَنصوص عليها في الاتفاقية بين كلٍّ من السودان وأثيوبيا.

أما المادة الثالثة؛ فتتناول الآثار المترتبة على الاتفاقية فيما يتعلّق بالمياه العابرة للحدود. وبالتالي؛ تتعلَّق هذه المادة بالحفاظ على تدفُّق مياه نهر النيل، ويتعهَّد فيها الإمبراطور مينليك الثاني بألَّا يقيم أيَّة مُنشأة على مجرى كلٍّ من النيل الأزرق، وبحيرة تانا، أو السوباط؛ من شأنها أن تُعيق تدفُّق المياه، إلَّا بالاتفاق مع الحكومة البريطانية وحكومة السودان، وهي الحكومة المصرية البريطانية آنذاك -بموجب اتفاقية الحكم الثنائي "مصر وبريطانيا"، المُتَّبع في السودان منذ العام 1899.

أما المادة الرابعة، فتتناول موضوعًا وثيق الصّلة بمسألة تاريخ المفاوضات المُتعلّقة بامتيازات سدّ بحيرة تانا، والتي أجريت في أعقاب معاهدة العام 1902 مباشرة، وتُسلِّط الضوء على الفرص المُتاحة والتحدِّيات المطروحة فيما يتعلّق بالخطاب الهيدرولوجي القانوني والإنمائي لأثيوبيا. ولذلك، نصَّت الاتفاقية على تأجير مساحة لا تزيد عن 400 هتكار في منطقة إيتانج على نهر بارو، للحكومة السودانية، تُستخدم كمحطة تجارية، وعلى ألَّا تُستخدم في أيّ غرضٍ سياسي أو عسكري.

أما المادة الخامسة والأخيرة من الاتفاقية، فتتعلّق بمنح إمبراطور أثيوبيا للكٍّ من الحكومة البريطانية وحكومة السودان، حقّ بناء خط سكة حديدية عبر الأراضي الحبشية لربط كلٍّ من السودان وأوغندا ببعضهما البعض، وأن يتمّ اختيار طريق خط السكة الحديدية باتفاقٍ بين الطرفين المُتعاقِدين.

تمّ توقيع الاتفاقية من نسختين واحدة باللغة الإنجليزية، والأخرى باللغة الأمهرية

أديس أبابا في 15 مايو 1902


نَصّ الاتفاقية باللغة الإنجليزية


نَصّ الاتفاقية باللغة الأمهرية




Comments

التنقل السريع