تحميل كتب مركز دراسات الوحدة العربية مجانا أكثر من 500 كتاب برابط مباشر

دراسات في تاريخ مصر الاقتصادي والسياسي في القرن التاسع عشر 

تأليف/ د. أحمد أحمد الحته 

عرض: د. أحمد إبراهيم هلالي

هذا عرضٌ لواحد من أهم الدراسات العلمية التي حرَّرتها وصدرت عن مركز تاريخ مصر المعاصر، بالهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية؛ وأعُيد هنا -بعد إضافةٍ طفيفة- نشر هذا العرض الذي سبق وأن نشرته في "مجلة مصر الحديثة"؛ وذلك لأهمية هذا العمل في موضوعه؛ ولأن المنصَّة الإلكترونية وسيلة أكبر وأوسع انتشارًا، فقد يجد القارىء، أو المهتم بهذا الموضوع، سبيلًا للتعرُّف على الكتاب وموضوعه. 

أما فكرة هذا العمل العلمي الرصين فهي أصيلة بالنسبة لي، وقد واتتني منذ أن طالعت كتاب العالم المرحوم أ.د. أحمد الحته: "تاريخ الزراعة المصرية في عهد محمد علي الكبير"؛ فقد كانت أسلوب كتابته، ووضوح منهجه العلمي، وتعبيراته الرصينة، ولغته الزاخرة بمفردات أخَّاذة؛ تشدّ القارىء، فما بالنا باهتمام المُتخصص. 

وبالتنقيب في تراث العلامة الراحل أ.د. أحمد الحته، للوقوف على أكبر عدد من أعماله العلمية في المكتبات الجامعية، وغيرها، وقد كان أمرًا ليس هيّنًا، خاصة وأن العالم الراحل قد شغل العمل كأستاذ في كليات الآداب، وكأستاذ للتاريخ الاقتصادي في كلية التجارة وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، ثم كأستاذ في كلية الآداب بجامعة الأسكندرية، هذا إلى جانب أنه عمل كأستاذ في جامعات القاهرة، والخرطوم، وبغداد، وطرابلس. وقد أدى كل هذا إلى تنوُّع الكتابات العلمية وتنوُّع جهات نشرها في الوقت نفسه. 

أفضى السعيُّ عن التوصُّل لمجموعةٍ من البحوث الكاملة والمُتكاملة. وبعد موافقة اللجنة العلمية لمركز تاريخ مصر المعاصر، قمت بتحرير هذا العمل العلمي. 

أما الكتاب، وهو ثُلة من أبرز بحوث الدكتور أحمد الحته؛ عبارة عن ثمانية بحوث مُنفصلة مُتصلة، مُتكاملة الهدف والاتجاه، بالإضافة إلى قائمة بالمصادر والمراجع التي اعتمد عليها المؤلف في بحوثه، قمت بإعادة تجميعها وتأطيرها وفقًا للنمط العلمي والثوابت المعروفة في توثيق الكتابة التاريخية. وقد تم تحرير تلك البحوث تحت عنوان مُتكامل يعبِّر عن مضمونها، وهو : "دراسات في تاريخ مصر الاقتصادي والسياسي في القرن التاسع عشر". 

أما موضوع الكتاب، فإن المُطَّلِع على تاريخ مصر الحديث، ليجد أن أفرز المُتغيّر السياسي الذي شهدته مصر في القرن التاسع عشر وخلال عصر الأسرة العلوية، نمطًا من تطور البلاد الاقتصادي في تلك الفترة، الأمر الذي واكبه تطور في حياة الشعب وكيان الدولة المصرية آنذاك. ولما كان التطور الاقتصادي لمصر ملازمًا لتطورها السياسي، وهي ثمة الأمور التي تأخذ وقتًا طويلًا، ارتبطت بممارسات وتوجُّهات حكام وحكومات مُتعاقبة طوال القرن التاسع عشر.

انعكس هذا بدوره على إدراك علماء وباحثي التاريخ، إذا ما أرادوا تقدير التطور الذي حدث في مصر في القرن التاسع عشر اقتصاديًا من جهة؛ بسبب استمرار سياسيات وتوجهات معينة، وسياسيًا بسبب تطور رؤى وتوجهات أخرى. وعلى ذلك، كان لابد من توافر قدراتٍ علمية مُعيّنة لمن أراد الوقوف على تدقيق الأمور وتحليلها تحليلًا علميًّا موثّقًا، تخرج فيها كتابات التاريخ المصري الاقتصادي والسياسي منها على وجه الخصوص، من أنماط كتابات ذات قوالب وثوابت أرستها كتابات غربية، إلى كتابات وطنية محلّية بعيدة عن الهوى أو مُحدِّدات مساره المختلفة. 

ولعلّ الدكتور أحمد الحته، هو رائد لدراسات التاريخ الاقتصادي في الوطن العربي كله. وقد وفّر له هذا التّخصص نظرةً دقيقة لضرورة أخذ الأبعاد الاقتصادية بكامل الاعتبار، حتى في دراسة التاريخ السياسي، أو التاريخ الاجتماعي، أو التاريخ الثقافي، باعتبار أن الفصل بين هذه الميادين هو فصل مدرسي بغرض الدراسة التفصيلية، وليس فصلًا حقيقيًا، مشهودًا في الحياة، والمنهج السليم يقتضي دراسة الواقع كما حدث بكل تفصيلاته، والربط بين هذه التفصيلات هو وحده الذي يُحقّق الرؤية التاريخية الصحيحة، وفق الإدراك التاريخي السليم. 

موضوعات الكتاب

جاء البحث الأول بعنوان: "دراسات تاريخية اقتصادية لعصر محمد علي، الاحتكار والنظام الزراعي"، قدّم فيه تحليلًا لتطوُّر الاقتصاد المصري الزراعي، وكيف أن مبدأ التخصُّص الاقتصادي، الذي اعتمدت فيه مصر على الزراعة وأهملت الصناعة، إلى جانب مبدأ الحرية الاقتصادية؛ حيث نادرًا ما كانت الحكومة تتدخل في الشئون الاقتصادية، تركت الفلاح حرًّا في زراعة ما يشاء من الحاصلات بالطريقة التي يراها، وحُرًّا في تسويق حاصلاته؛ وكذلك كان الصانع حُرًّا في عمله وفي تصريف إنتاجه، وتمتّع التاجر أيضًا بالحُريّة في التجارة. وهي جملة السياسات الاقتصادية التي تغيّرت بتولّي محمد علي حُكم البلاد في العام 1805، حيث بدأ تدريجيًّا في اتباع سياسةٍ أخرى قائمة على مبدأين: الأول هو الاستقلال الاقتصادي، والثاني هو الاحتكار والتوجيه. 

كان ما يُمكن أن نُطلق عليه الثورة الزراعية، أو الانقلاب الذي أحدثه محمد علي في السياسات الزراعية، عاملًا مؤثّرًا، واصَلَه من بعده ابنه، إبراهيم باشا، ليس فقط في المجال الزراعي، وإنما الصناعي والتجاري كذلك.

استكمال لما سبق وقدّمه الدكتور الحته في البحث الأول، يُقدّم في البحث الثاني، وعنوانه: "جهود إبراهيم باشا في خدمة الزراعة والصناعة والتجارة"،كذلك، قراءةً تاريخية نقديّة لسياسات وأوضاع مصر الاقتصادية في واحدة من أهم وأبرز فترات التاريخ المصري الحديث، عصر محمد على، وما ق به من بعد إبراهيم باشا.

ومثلما كان رائدًا في التاريخ الاقتصادي، كان الدكتور أحمد الحته رائدًا كذلك في واحد من أهم فروع التاريخ، وهو تاريخ العلاقات الدولية، وخاصة تاريخ العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية في القرن التاسع عشر. وهو ما أفردنا له بين دفتي هذا الكتاب، ثلاثة بحوث متتالية، البحث الثالث بعنوان: "العلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة في القرن التاسع عشر"، والبحث الرابع بعنوان: "التمثيل القنصلي والدبلوماسي للولايات المتحدة في مصر في القرن التاسع عشر"، والبحث الخامس بعنوان: "البعثات المصرية إلى الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر".

كانت العلاقات الاقتصادية مدخلًا مُهمًّا وقويًّا في دراسات الحته، فقد تابع بالبحث العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، منذ أبدى محمد علي رغبته في تعيين الولايات المتحدة قنصلًا عامًا في مصر، ليكون مندوبها مساويًا في الدرجة لمندوبي الدول الأخرى، وكان ذلك في العام 1832، عندما افتتحت القنصلية الأمريكية في الإسكندرية، ثم تحوّلت لقنصليةٍ عامة، ثم تطوّرت إلى وكالةٍ سياسية وقنصلية عامة. وفي الاتجاه الآخر، كانت البعثات المصرية للولايات المتحدة أبرز ملامح نشاط مصر في المجال الدولي في ذلك الوقت، على الرغم من تبعيتها لتركيا، وحرمانها –بذلك- من التمثيل القنصلي والدبلوماسي الدائم في الدول الأجنبية.

ومن سلسلة دراسات تاريخ العلاقات الدولية المصرية الأمريكية، التي بدأت بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، ينطلق الدكتور الحته إلى البحث في تاريخ العلاقات المصرية المكسيكية، في بحثه السادس، وعنوان: "العلاقات بين مصر والمكسيك (1867-1863)". وهو ما يؤكد على أن تاريخ العلاقات الدولية عند الدكتور الحته كان مشروعًا علميًا مُتكاملًا، خاصة الأمريكي منها، بشقيه الشمالي واللاتيني في آن واحد. فقد درس العلاقة بين مصر والمكسيك، في فترة من أهم وأخصب فترات العلاقات بين الدولتين، الفترة التي شهدت إرسال الأورطة السودانية إلى المكسيك، لمساعدة القوات الفرنسية في حربها في المكسيك ضد القوات الوطنية.

استكمال للنمط السابق من بحوث تاريخ مصر السياسي مع الآخر، تناول الدكتور الحته، في البحث السابع، وعنوانه: "الأجانب في مصر والسودان (1849-1862)"، وهو أحد أهم ملامح اتصال التاريخ الاقتصادي بالسياسي والاجتماعي، مُحلّلًا الأنماط أو الأنساق الاقتصادية لكل طائفةٍ أجنبية، والإرساليات الدينية، والامتيازات الأجنبية، وهو ما كان له تأثير كبير في توجيه سياسات اقتصادية واجتماعية تتعلّق بعلاقاتهم بالمجتمع المصري السوداني آنذاك.

وفي طرحٍ علميٍّ جديد، لم يكن مُعتادًا عليه آنذاك، قدّم المرحوم الدكتور الحته، من منطلق مفاده توجيه ومساعدة الباحثين والدارسين المُهتمّين بدراسات تاريخ الزراعة المصرية، قائمةً نموذجية وافية بأهم ما تناولته الوثائق والدراسات المرجعية الموثّقة لمثل تلك الموضوعات الهامة، ووضع لها عنوان: "مراجع تاريخ الزراعة المصرية في عهد محمد علي (1848-1805)". وقد آثر المحرر وضعها قبيل قائمة نهائية -أعددتها لتكون وافية وسهلة المُطالَعة- بمجمل ما اعتُمِدَ عليه في البحوث الواردة بين دفتي هذا العمل العلمي الرصين والرائد، الذي وصِفَ بأنه قام على التركيز عليه وتضخيم مفراداته باحثون كثر.

موضوعات الكتاب:

دراسات تاريخية اقتصادية لعصر محمد علي، الاحتكار والنظام الزراعي.

جهود إبراهيم باشا في خدمة الزراعة والصناعة والتجارة.

 العلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة في القرن التاسع عشر.

التمثيل القنصلي والدبلوماسي للولايات المتحدة في مصر في القرن التاسع عشر.

البعثات المصرية إلى الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر.

العلاقات بين مصر والمكسيك (1867-1863).

الأجانب في مصر والسودان (1849-1862).

مراجع تاريخ الزراعة المصرية في عهد محمد علي (1848-1805).

رحم الله الأستاذ الدكتور أحمد أحمد الحته، رحمة واسعة، ونفع بعلمه، وجعله في ميزان حسناته.

أحمد أحمد الحته: دراسات في تاريخ مصر الاقتصادي والسياسي في القرن التااسع عشر، مركز تاريخ مصر المعاصر، الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، 2002، 363 صفحة.