خمسون عامًا على اتفاقية مياه النيل (2009-1959)
أعمال ندوة مركز تاريخ مصر المعاصر (17 ديسمبر 2009)
إعداد/ د. أحمد إبراهيم هلالي
عرض: د. أحمد إبراهيم هلالي
تعدُّ أعمال هذه الندوة واحدة من أهم الأعمال العلميّة التي أصدرها مركز تاريخ مصر المعاصر، بدار الكتب والوثائق القومية، ليس فقط لأن الفكرة أصيلة لديَّ قبل أن أتقدَّم للجنة العلمية للمركز بمقترحٍ لإعدادها في العام 2009، وإنما لأهمية طرح قضية مياه النيل، وتوقيتها، وهو ما لاقى بالفعل استحسانًا وأثرًا واضحًا على المستويين الأكاديمي والإعلامي حينذاك.
ولا شك أن عقد موضوع "خمسون عامًا على اتفاقية تقسيم مياه النيل بين مصر والسودان (2009-1959)" في السابع عشر من ديسمبر 2009- جاء مُتأثِّرًا بمُتغيّرٍ مُعاصر ألحَّ على مصر والمصريين في السنوات القليلة السابقة على ذلك الحدث، وهو المُتغيّر المُتعلِّق بطرح مُبادرة حوض النيل في العام 1998، وبدء التفاوض بشأنها بعد عامٍ واحد لا غير؛ بغرض التوصُّل لاتفاقٍ إطاري للتعاون والتنمية بين دول الإقليم المُتشاطئة على نهر النيل، يكون أنموذجًا للقارة في هذا الصدد، فضلًا عن الاعتقاد بأن ذلك يُحقِّق لمصر مصالحها في مياه النيل.
وقد أكّد السفير السوداني بالقاهرة حينذاك، الفريق أوّل رُكن عبد الرحمن سرّ الختم، على أن قضية المياه أصبحت من القضايا العالمية ذات الأولوية، قائلًا: "لعلّ ما نسمعه من مُنازعات حول المياه له أبعاده ومدلولاته وما يُثار في حول اتفاقية مياه النيل وما تم تناوله، آنذاك، بين دول حوض النيل والمُحاصصة، قد تثير الفتن، فقضية المياه أصبحت من القضايا التي تُهدِّد علاقات حُسن الجوار والتعاون الإقليمي فيما بين الدول المُتشاطئة لأحواض النيل (المنبع والمصبّ)، أقوى من أي علاقات. وهذه الندوة مهمة لها دورها الكبير في تنمية الوعي التاريخي، وهى تخوض في موضوعٍ حيويّ مهم له أبعاده التاريخية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية".
جاءت أعمال الندوة في ثمانية بحوث
البحث الأول
(1959– 1929)
د. حسن الشريف
تناول هذا البحث الإطار التاريخي لاتفاقيتي 1929 و1959، وتأثيرهما على العلاقات المصرية السودانية مائيًّا، وقد أكد على أن الاتفاقيتين جاءتا في مصلحة الطرفين، وأن استكمال تفعيل ما طرحته اتفاقية عام 1959، من مشروعات مائية سيعود بالتأكيد على البلدين.
البحث الثاني
إثيوبيا واتفاقيات مياه النيل حتى عام 1959
د. محمد عبد المؤمن
تناول الخلفية التاريخية لعلاقة إثيوبيا بالقوى الاستعمارية الأوروبية في أواخر القرن التاسع عشر، ومحاولات بريطانيا لتأمين منابع النيل الإثيوبية، وموقف إثيوبيا من مفاوضات مشروع إنشاء خزان على بحيرة تانا، وموقفها من مفاوضات المياه بين مصر والسودان واتفاقية عام 1959. وقد أكد البحث على أن اتفاقية المياه بين مصر والسودان لعام 1959، تركت الباب مفتوحًا أمام دول حوض النيل الأخرى للحصول على حصصٍ عادلة من مياه النيل طبقًا لحاجاتها الفعلية، إلا أن إثيوبيا لم تتقدّم في أي وقتٍ من الأوقات للحصول على حصةٍ من المياه التي تضمنتها الاتفاقية؛ حتى لا يكون ذلك اعترافًا بالاتفاقية التي سخّرت جهدها لشجبها وإدانتها، كما أنها لم تكن في حاجةٍ لمياه النيل، لفرط ما لديها من مصادر أخرى للمياه، بل كانت تحكُمها فكرة امتلاكها لمياه النيل.
البحث الثالث
سد الروصيرص في العلاقات المصرية السودانية حتى عام 1959
وسام طه
ركّز البحث على ثورة يوليو 1952، وفكر الريّ المصري، وسدّ الروصيرص في المفاوضات المصرية السودانية، والضغوط المصرية علي السودان بشأن المياه، وبريطانيا والولايات المتحدة وسدّ الروصيرص، والشعب السوداني وملف المياه مع مصر، والمنافسات الحزبية السودانية وملف المياه، وأخيرًا عقد اتفاقية مياه النيل لعام 1959. وقد أكّد على أن الأمل الوحيد أمام شعبيّ وادي النيل هو التعاون والتكامل سياسيًّا، واقتصاديًّا، واجتماعيًّا، وثقافيًّا.
البحث الرابع
تأثير مشكلة جنوب السودان على المشروعات النيلية (جونجلي)
د. عبد القادر إسماعيل
استهدف هذا البحث دراسة أثر مشكلة جنوب السودان على مشروع حفر قناة جونجلي، والحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، وأثرها على عمليات التنمية الاقتصادية المختلفة، وموقف القيادات والحكومة الجنوبية خلال سنوات السلام النسبيّ من حفر قناة جونجلي (1985–1955). وقد أكّد على أهمية التعاون الكامل بين الحكومة المصرية وحكومة جنوب السودان في كافة المجالات، مع ضرورة الدخول في مفاوضات مع حكومة جنوب السودان، للبدء في تنفيذ مشروع قناة جونجلي لحاجة مصر لعمليات التنمية الزراعية.
البحث الخامس
مصر وتنمية الموارد المائية في حوض النيل
د. السيد جابر
أكدت هذه الورقة البحثية، بلغة الأرقام والإحصائيات، على أن الفاقد من مياه نهر النيل في دول المصب كبير للغاية، وأن هذا هو المدخل الحقيقيّ لمصر، فلا بديل عن تدخُّل مصر التنمويّ؛ إذا كانت تهدف زيادة حصتها من مياه المياه، فدول المصبّ في حاجة لمشروعاتٍ مائية وتنموية، ولدى مصر الخبرات والكفاءات لتفعيل وتنفيذ ذلك.
البحث السادس
مبادرة نيباد في ظل الصراعات في حوض النيل
د. أيمن شبانة
أكّد على هذا البحث على أنه منذ نشأة المُبادرة، وهي المؤسسة التي تتسم بالبناء الفوقي، يجب على مصر أن تجد لها مدخلًا وأصواتًا مؤيدة لسياساتها المائية في دول حوض النيل، في مواجهة القوى الغربية المهيمنة، التي تتحكم في هذه المؤسسة.
البحث السابع
القواعد الدولية للانتفاع المشترك بمياه الأنهار الدولية بالتطبيق على نهر النيل
د. أيمن سلامة
يؤكد البحث على أنه إذا كانت قواعد ومبادئ، وأعراف القانون الدولي قد قنّنت الحقوق المختلفة للدول المُشاطئة لأحواض الأنهار الدولية، ومنها نهر النيل؛ مما يتطلّب التعاون بين هذه الدول في ظل قواعد القانون الدولي المستقرة، وخاصة لمصر، وحقّها المُطلق في استغلال ذلك الجزء بالكيفية التي تراها. وأنه، على الرغم من اتساق الموقف المصري بشأن قضية الانتفاع بمياه نهر النيل مع مبادئ وقواعد وأعراف القانون الدولي، إلا أنه من الضروريّ أن تكون هناك اتفاقيات متعددة الأطراف لكامل دول حوض النيل بشأن حقوق توزيع المياه سواء السطحية أو الجوفية بين الأطراف المتنازعة عليها.
البحث الثامن
الأمن والتنمية مصالح مستمرة ورسالة جديدة في حوض النيل
د. السيد فليفل
تقترح الورقة أهمية القيام بمراجعة شاملة، ليس فقط للموقف التفاوضي المصري مع دول المبادرة وشركائها، بل لأسلوب ومنهج العمل في الاتجاه الجنوبي كله لعلاج الموقف التفاوضي.
